الخميس، 28 أغسطس 2008

الصيام وأمراض العيون بين الطب والفقه

* حكم القطرة ، والعلاج الوصفي
للعين من الوجهة الشرعية ، والناحية الطبية .

من المعلوم لدى كل مسلم ، أن صوم شهر رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة ، وصوم رمضان فريضة على المسلم البالغ العاقل الصحيح المقيم ؛ بمعنى أنه ليس لديه عذر من الأعذار التي تبيح له الفطر مثل المرض أو السفر ونحو ذلك، من الأعذار الشرعية.
ونستطيع أن نلمس فضل الصيام ، من الحديث القدسي الذي رواه الرسول الكريم عن جبريل - عليه السلام - عن الله - عز وجل - ( كل عمل ابن آدم له ، إلا الصيام فإنه لي ، وأنا أجزى به ) . أخرجه مسلم وأحمد والنسائي ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وقال : " من صام رمضان إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه" . أخرجه أحمد وأصحاب السنن ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وسوف نستعرض - بحول الله - في هذا البحث ، بعض النقاط الهامة التي تهم كل مسلم ، مثل : حكم القطرة بين الطب والفقه ، ومدى تأثير الصيام على أمراض العين ، ثم حكم صيام المريض الذي أجريت له عملية جراحية في عينه.

حكم القطرة بين الطب والفقه :
كلما جاء شهر رمضان - شهر الهدى والفرقان ، شهر البر والإحسان- نلاحظ أن هناك سؤلا تقليديا وموسميا يطرح نفسه تلقائيا ، وهو : هل استعمال القطرة ، أو العلاج الموضعي في العين ، أو الاكتحال يفطر؟
وعندما نجيب على هذا السؤال لابد لنا أن نستعرض آراء الفقهاء ؛ لبيان الحكم الشرعي ، وتوضيح القاعدة الفقهية ، بالإضافة إلى إيضاح الناحية الطبية المتعلقة بهذه المسألة ؛ لكي نصل إلى إجابة مقنعة وسديدة .
ويمكن بيان ذلك فيما يلي :
في البداية ، أحرى بنا أن نعلم أن الشرط في المفطر ( المفسد للصوم ) ، كما عرفه علماء الفقه كالآتي :
* أن يصل إلى الجوف ، ويستقر فيه .
* أن يكون الوصول إلى الجوف من المنافذ المعتادة ؛ مثل : الفم والأنف والدبر، أما المسام والعين ، فلا تعتبران من منافذ الغذاء ، وليس ثمة اتصال بينهما وبين المعدة - محل الطعام والشراب - .
آراء الفقهاء :
رأي الإمام / ابن حزم :
قال الإمام / ابن حزم : " إنما نهانا الله - سبحانه وتعالى - في الصوم عن الأكل والشرب ، والجماع ، وتعمد القيء .
وما علمنا أكلا ولا شربا يكون على دبر أو أذن أو عين ، وما نهينا قط عن أن نوصل الجوف بغير الأكل والشرب ، ما لم يرم علينا إيصاله " (جريدة الشرق الأوسط ، في رمضان 1455 هـ).
رأي الإمام / ابن تيمية :
فقد أوسع شيخ الإسلام / ابن تيمية الموضوع إيضاحا ، مبينا عدم صلاحية الأسس التي قاسوا عليه فساد الصوم بما دخل إلى الجوف ، أيا كان الداخل. فبين : أن الأدلة الشرعية ليس فيها ما يقتضي ،أن المفطر الذي اعتبر الشرع فقط هو ما كان واصلا إلى دماغ الوريد ، أو ما كان داخلا بين منفذ، أو واصلا إلى جوف .
ثم نجد أن ابن تيمية يتفق مع ابن حزم ، على أنه يثبت بالإجماع أن الفطر يكون بالأكل والشراب والجماع والحيض ، وليست الحقنة أو الكحل ، وما إلى ذلك مما يتداوى به (جريدة الشرق الأوسط ، في رمضان 1405 هـ).
رأي الشيخ / محمود شلتوت :
يقول فضيلة الشيخ / محمود شلتوت ، في فتواه التي تتضمن ما يلي : "الاكتحال أو التقطير في العين أو مسها ، كل ذلك لا تأثير لشيء منه على الصوم؛ فهو ليس بأكل في صورته ولا معناه ، وهو بعد ذلك لا يصل إلى المعدة - محل الطعام والشراب - " . (كتاب " الفتاوى" للشيخ محمود شلتوت).
رأي الشيخ / عبد العزيز بن باز :
وقد أفتى سماحة الشيخ / ابن باز بما يلي :
" الصحيح أن القطرة لا تفطر، وإن كان فيهـا اختلاف بين أهل العلم ؛ حيث قال بعضهم : إنه إذا وصل طعمها إلى الحلق فإنها تفطر ، والصحيح أنها لا تفطر ؛ لأن العين ليست منفذا للغذاء " . ( المجلة العربية ، عدد رمضان 1405 هـ).
رأي الشيخ / السيد سابق :
ذكر فضيلة الشيخ / السيد سابق في كتاب " فقه السنة " (المجلد الأول) حكم الاكتحال والقطرة كما يلي :
من مباحات الصيام : الاكتحال والقطرة ، ونحوها مما يدخل العين - سواء وجد الإنسان طعمه في حلقه أم لم يجده - ؛ لأن العين ليست بمنفذ إلى الجوف".
كما ذكر - أيضا - رواية عن أنس مالك - رضي الله عنه - أنه كان يكتحل وهو صائم ، وإلى هذا ذهب الشافعية ، وحكاه ابن المنذر عن الحسن والأوزاعي وأبي حنيفة وأبي ثور ، وروي عن ابن عمر وأنس وابن أبي أبي أوفى من الصحابة.


ليست هناك تعليقات: